ليه بنحس إننا عاوزين ننام واحنا راكبين المواصلات؟

close

عندما يركب أي شخص منا المواصلات يلاحظ تدريجياً أن جسمه يبدأ في الاسترخاء، ويشعر بالثقل، وكأن شيئًا ما يدفعه نحو النوم، ثم فجأة يتم إيقاظه بصوت يخبره بأن وصلت، فيجد نفسه يستفيق ليكتشف أنه قد نام في الطريق هذا الشعور الغريب يحدث للكثيرين، حتى وإن كانوا قد ناموا قبل الركوب بشكل جيد، وإذا نظرنا إلى هذا الأمر من الناحية المنطقية، سنجد أنه من المنطقي عدم النوم أثناء رحلة النقل العام، فالمقاعد وطريقة جلوسنا غالباً ما تكون غير مريحة بما يكفي، والحركة والاهتزازات التي يتعرض لها جسمنا أثناء الرحلة تجعل النوم صعبًا، لذا سنجيب في هذا المقال عن سبب رغبتنا في النوم ونحن في المواصلات العامة.

لماذا نشعر بالرغبة في النوم في المواصلات؟

في الحقيقة يوجد عاملان يؤثران في هذه الظاهرة ويتسببان في حدوثها لأغلبنا، ويمكن اختصار هذان العاملان في الآتي:

  • اهتزازات الطريق: كما ذكرنا في المقدمة فالطريق يكون مليء بالاهتزازات ويكون غير مريح بالمرة، ولكن المثير للدهشة هو أن هذه الاهتزازات هي في الواقع أحد الأسباب التي تجعلنا نغفو بغير إرادتنا، حتى لو كانت هذه الاهتزازات ليست مريحة، فقد قام باحثون بتجربة على الذبابة الفاكهة في ديسمبر 2020 واكتشفوا أن الذبابة تدخل في نوم عميق بسرعة عند تعرضها للاهتزازات، وهذا الأمر يشبه ما يحدث للبشر خلال رحلاتهم.

وأيضًا، أظهرت الدراسات أن نظام النوم عند ذبابة الفاكهة مشابه إلى حد كبير لنظام النوم عند البشر، وقد اكتشف الباحثون أن الذبابة تدخل في النوم بسرعة عند تعرضها للاهتزازات، ويكون النوم عميقًا، وليس هذا فحسب، بل أنها تستيقظ أيضًا من النوم بشكل نشط بالمقارنة مع الحالة العادية للذباب الآخر.

واستنادًا إلى هذه النتائج، قرر الباحثون إجراء التجربة مرة أخرى، ولكن هذه المرة على البشر. جلبوا خمسة عشر متطوعًا ووضعوهم في جهاز محاكاة افتراضي يشبه ركوب السيارة، وأجروا الاختبار مرتين، مرة مع اهتزازات منخفضة ومرة أخرى بدون أي اهتزازات، ولاحظوا أنه عندما تعرض المتطوعون للاهتزازات، ظهرت عليهم أعراض النعاس بعد خمسة عشر دقيقة من بداية الاختبار، ومعظمهم انغمس في النوم خلال نصف ساعة، بينما بقوا مستيقظين طوال الاختبار الذي استمر ساعة كاملة عندما لم تكن هناك أي اهتزازات، وهذه الظاهرة تشبه ما نراه في الأطفال، حيث ينامون بسرعة بعد التعرض للهزات.

بهذه الطريقة، تظهر أن الاهتزازات لها دور في تسهيل النوم، سواء كانت هذه الاهتزازات ناتجة عن الحركة الطبيعية للسيارة أو من أي مصدر آخر، وتلعب هذه الاهتزازات دورًا في جعلنا نغفو بسرعة أثناء الرحلات الطويلة.

  • الضوضاء المحيطة: ليست فقط الاهتزازات هي السبب بل الضوضاء المحيطة أيضًا تلعب دورًا كبيرًا في قدرة الركاب على النوم، تعرف هذا الظاهرة بـ”الوايت نويز” أو “الضوضاء البيضاء”، وهي الأصوات التي نسمعها من حولنا، ولكن لا يمكننا تمييز تفاصيلها.

على سبيل المثال، عندما تجلس في مكان وتسمع شخصين يتحدثان بصوت مرتفع نسبيًا، قد تتمكن من معرفة أنهما يتحدثان، لكنك قد لا تستطيع فهم التفاصيل التي يقولونها، وإذا كان هؤلاء الأشخاص عددهم كبير فلن تستطيع تميز الكلام فقط ستسمع صوت واحد غير مفهوم وهذا ما يسمي الضوضاء البيضاء.

والضوضاء البيضاء هي التي تجمع كل الأصوات المحيطة في صوت واحد، وتمتلك تأثيرًا قويًا على النوم وجودته، واكتشف العلماء عبر السنوات أن لها تأثيرًا كبيرًا على الاسترخاء وجودة النوم.

بالفعل، الضجيج المحيط والضوضاء البيضاء تؤثر بشكل كبير على قدرتنا على النوم والاسترخاء، وهذا الأمر يتطبق على الأطفال والبالغين على حد سواء.